مجلس الشورى عام 1355هـ
"بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد:
نفتتح باسم الله دورة مجلس الشورى الجديدة طالبين من المولى عز وجل التوفيق والسداد لكم.
لقد قضت حكمة الله باجتماع المسلمين للنظر في مصالحهم باتباع ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، وأمرنا بالتعاون على البر والتقوى، والتشاور والتناصح في مصالح البلاد والعباد، حيث قال في محكم كتابه:( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ). وقال عليه الصلاة والسلام:"الدين النصيحة"، لذلك حرصنا منذ الساعة الأولى على تأسيس مجلسكم الموقر ليكون همزة الوصل بين الراعي والرعية، والترجمان الصادق بين الحاكم والمحكوم، وقد انتهت بالأمس الدورة الخامسة من دوراته ولله الحمد. قام المجلس خلالها بالمهمة الملقاة على عاتقة؛ فكان مثال الجد والنشاط في أعمالة، وموفقاً في قراراته التي كان لها أحسن الأثر في سير الأمور، والنهوض بالبلاد نحو الرقي والعمران. وثقتي بالله ثم بالهيئة الجديدة أن تحقق هذه الدورة أيضاً أماني الجميع، فتنظر في المسائل التي سيوكل إليها، وبحثها بما تقضي به المصلحة العامة.
أما الصلاحية التي تعطى للمجلس في دورته هذه، فهي نفس الصلاحيات المخولة للمجلس من قبلنا في السابق. ولما كان من أعز أمانينا أن يمثل الشعب في هذا المجلس تمثيلاً صحيحاً، لتكون الصلة بين الشعب والحكومة أوسع وأعم. وقد أصدرنا أمرنا بوضع نظام يقضي بانتخاب ممثل كل قضاء في المملكة، يجتمعون بصفة مجلس عام في شهر الحج من كل عام، وقد لا تنتهي دورة المجلس الحالية حتى يكون هذا المشروع قد نفذ، فتمثل البلاد أحسن تمثيل.
نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه مرضاة وجهه وأن يهدينا إلى طريق الخير والصلاح إنه على كل شيء قدير".
ثم تقدم عضو المجلس، وسكرتيره الشيخ أحمد إبراهيم الغزاوي، وألقى باسم المجلس الخطاب الآتي:
"بسم الله الرحمن الرحيم
يا صاحب الجلالة:
لقد حظي مجلس الشورى بتشريف جلالتكم، وبخطاب العرش العالي الذي منحتم بمقتضاه الثقة الملكية السامية لأعضائه المخلصين في دورته الجديدة، إنه لمن المفخرة الخالدة، والمآثر المشكورة أن يتفضل جلالتكم بزيارة المجلس في حفل افتتاحه تعزيزاً له، وتكريماً وإشادة بما له من خدمات صادقة، وما عليه من واجبات مقدسة لا بد أن يقوم بها طبقاً لما توجبه الشريعة المطهرة، وتحتمه فروض الإخلاص، وتوحيه نصوص النظام، وتدعو إليه المصالح العامة للحكومة والأمة والبلاد.
سيحرص المجلس يا صاحب الجلالة على الأساسات القويمة التي أنشئ من أجلها، وسيكون بحول الله عند ظن جلالتكم بنزاهته، ودأبه بالنهوض بمسئولياته الكبيرة، وسيبذل جهوده الصادقة المخلصة بدون هوادة ولا محاباة سبيل الإصلاح والتقدم، ومعالجة كل ما يضمن الغايات البعيدة التي تؤمن سعادة هذا الشعب ورخائه – بحول الله وتوفيقه – في ظل رعايتكم الملكية العالية، وبتعضيد حكومة جلالتكم وعلى رأسها حضرة صاحب السمو الملكي النائب العام ورئيس المجلس المعظم.
يا صاحب الجلالة:
إننا نشكر من صميم الأفئدة هذا التوجه العالي، والثقة الغالية، ونعاهد الله تعالى على أن نقوم بأداء الأمانة التي تقلدناها، وتحقيق الأماني التي تصبون إليها جلالتكم لهناء هذه الأمة وصلاحها، وفلاحها إلى أقصى حد تصل إليه الصلاحيات الممنوحة لهذا المجلس من لدن جلالتكم، متورعين بالصدق والثبات، والنصح والإخلاص، والثقة الغالية التي تزكي في قلوبنا روح النشاط والعمل والافتخار.
ونسأل الله جل شأنه أن يؤيدكم بنصره، ويمدكم بإعانته، وأن يحفظكم، وولي عهدكم المعظم، وسمو نائبكم المحبوب وسائر أسرتكم المجيدة ذخراً لدينه، وعصمة لأوليائه، ومظهراً لرضائه إنه سميع مجيب".