مجلس الشورى عام 1365هـ
"بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل
إلى جناب المكرم الابن منصور رئيس مجلس الشورى بالنيابة سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فقد اطلعنا على التقرير السنوي لمجلس الشورى وأعماله خلال عام 1364هـ، والمرفوع إلينا برقم 768 وتاريخ 27/12/1364هـ.
ونظراً لما يبديه المجلس المشار إليه من المساعي الطيبة، والجهود المشكورة في سبيل المصلحة العامة، فنرغب أن تبلغوا المجلس وأعضاؤه امتناننا منهم وحسن ثقتنا بهم، وأن هذه الثقة تحملنا على إصدار أمرنا هذا بتجديد مدة عملهم سنة أخرى اعتباراً من غرة المحرم 1365هـ.
نسأل الله لكم ولهم التوفيق والنجاح لما فيه خير للبلاد والعباد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
بعد ذلك تقدم عضو المجلس الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي، وألقى كلمة باسم المجلس، ونصها:
"بسم الله الرحمن الرحيم
يا صاحب السمو المعظم:
باسم الله وتوفيقه يستقبل مجلس الشورى دورته الجديدة وهو قوي الشعور بمسؤولياته الخطيرة، وواجباته الكبيرة وإن من أعظم دواعي الغبطة والافتخار والامتنان معاً لأعضائه جميعاً أن يخطوا من لدن حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك المفدى أدام الله عزه ونصره وتأييده، وبالتفاته العالي، وثقته الغالية وأن يتلقوا من جلالته شفهياً تلك التصريحات الهامة التي لا يقصد بها غير رفاهية شعبه، واستقامة أموره وتيسير رغده، شأنه في جميع المناسبات.
تلقى المجلس إرشادات جلالته في هذا، وفي غيره من الغايات البعيدة التي ترمي إلى تحقيق مقاصده الشريفه لتقدم بلاده وشعبه وخيرهما في كل حقل من حقول الإصلاح والإنعاش والتعمير، وأخذ يفكر في عزيمة صادقه واهتمام عظيم لعرض كل ما يراه أقرب الطرق وأدناها وأسلمها للوصول إلى هذه الأهداف الحيوية، وسيحرص على أن يرفع قراراته وتقاريره عنها في أقرب مدة ممكنة إن شاء الله.
وإن المجلس لمطمئن وموقن إلى أنه سيحصل على أعظم النتائج، وأحسنها بعون الله تعالى ثم بتعضيد حكومة جلالته كما أنه يؤمل أن تقوم كافة الدوائر بأداء ما عليها من واجبات في نطاق مسؤولياتها. ويرجو من الله تعالى أن يتولى الجميع بمعونته وتوفيقه.
يا صاحب السمو:
لقد مرت هذه البلاد كغيرها من شعوب العالم كافة، سنوات الحرب العالمية الثانية فكانت خلالها راتعة في أمن وسلام غير متأثرة بعواملها إلا بالدرجة التي لم تبلغ بها – ولله الحمد والشكر ثم لجلالة والدكم الملك المفدى – ما بلغته بسواها من ضنك العيش ونكبات الدمار وويلات البؤس والشقاء – بفضل الله تعالى ثم بسياسته الرشيدة، وخطواته السديدة – وكان ذلك مضافاً إلى أيادي جلالته البيضاء، والتي لا يمكن حصرها في أمته المتفانية بحبه والمخلصة لعرشه، دليلاً محسوساً وبرهاناً مشهوداً على ماأوتيه من نعمة التوفيق وبعد النظر، وسداد الرأي وصواب التدبير.
أما وقد تجاوزنا بسلام هذه الخطوات الرهيبة التي زلزلت أركان العالم في جوانبه الأربع؛ فإن من الواجب المحتم أن لا نغفل عما هو أمامنا من وسائل الإصلاح في جميع المرافق والمصالح والدوائر والأعمال، وأن من الحق علينا أن نبادر إلى إكمال كل نقص، وتقويم كل اعوجاج، وإعادة كل ما يبدو أنه جمد، أو اضطرب بسبب من أسباب أزمات الحرب، وضائقاتها إلى نصابه المعهود وفقاً لما تقضي به الأنظمة والقوانين، وتدعو إليه مصلحة البلاد.
يا سمو الأمير المعظم:
إن الأمة التي مَنّ الله عليها بما تتمتع به من أمن وارف الظلال وعدل ممتد الرواق والتي يحدب عليها، ويسهر من أجلها (ملك يقظ حازم عادل)، قد منحها الله النصر والتأييد، ووعد الحسنى وزيادة باعتماده على الله وتوكله عليه، هذه الأمة لا تفتأ تعبر في شتى المناسبات بأنها مدينة لله ثم لجلالته بكل ما نالها وينالها من خير وبر وتقدم وفلاح، هي هي نفسها التي تشعر بأنها ترقب بإلحاح أن تؤدي مالها علينا من حقوق عظيمة، وواجبات شتى في حدود، ما خولنا جلالة الملك من صلاحية وثقة وتعضيد، وإننا بحول الله وفي ضوء ما لقيناه ونلقاه من صاحب الجلالة، وحكومته العاملة وفي حدود ما لنا من صلاحيات سنقوم بما يمكن لنا القيام به من خدمة العرش المفدى، والوطن العزيز فيما هوادة وبكل صراحة وبدون غموض أو التباس إن شاء الله تعالى.
يا سمو الأمير:
إن المجلس سينظر فيما يعرض عليه بدقة واهتمام، ولا يبخس الدوائر والموظفين حقوقهم من التقدير والتشجيع – ما وجدها ووجدهم – موضع الظن ومحل الثناء والتقدير وبالعكس، سيقول كلمته الصريحة مؤيدة بالأدلة التي تتوفر لديه عن كل تقصير أو إهمال أو تفريط يلمحه فيما يستعرضه من شؤون، وأعمال طبقاً لأحكام كل نظام معمول به، ومرعي الإجراء دون محابات، أو تمييز متوخياً في ذلك أداء النصيحة المفروضة والقيام بالواجب المحتم وراحة الضمير والوجدان.
يا سمو الأمير المعظم:
اسمحوا لهذا المجلس أن يرفع رأسه عالياً فخوراً، ولهذه الأمة أن تلهج معزة بالحمد والشكر لله تعالى ثم لجلالة عاهلها المعظم بما ظفرت به حكومته وبلاده من مقام دولي محمود، ومن تأثير قوي مشهود في المجامع والأوساط الدولية، ومن إنشاء العلاقات الدبلوماسية مع حكومات وشعوب الأمم العظمى، ومن دفاع عن حقوق العرب وذود عن حياضهم وضم لصفوفهم وتوحيد لجامعتهم، ومن تدريب قوة نظامية تعتبر نموذجاً عالياً ونواة صالحة للجيش العتيد، ومن موالاة ابتعاث البعثات العلمية إلى المعاهد والجامعات وتعهدها بالراية والالتفات، وتعميم المبرات للفقراء والمحتاجين في هذا الوقت العصيب.
لذلك كله فإننا نلتمس من سموكم في جذل واغتباط أن تتفضلوا برفع أعمق شعورنا هذا مع أعمق إخلاصنا وأصدق ولائنا إلى جلالة الملك المحبوب بالأصالة عن أنفسنا، وبالنيابة على كافة أهالي البلاد بما يضفيه عليها من سمعة ومكانة وتكريم وما يغدقه عليها من عطف ورأفة، وحنان، وإننا لنضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يمد في حياة جلالته حتى يرى ثمار ما بذرت يداه لإنهاضها وإسعادها ورقيها وتقدمها، وأن يحفظه ذخراً وسنداً للعرب والمسلمين، وأن يأخذ بناصيته إلى كل ما فيه خير البلاد والعباد، وأن يحفظ سمو ولي عهده المفدى، وسمو نائبه الجليل، وأن يقرب بساعة اللقاء بسموه مستكملاً الصحة والعافية والنجاح والتوفيق، وأن يديم الرعاية والتوفيق لسمو الأمير منصور المعظم، وأن يقر عين جلالته بسموكم، وسمو أخوتكم الأمراء، وآل بيته الأكرمين وإن الله لمع الذين اتقوا والذين هم محسنون".
وعلى أثر ذلك، تفضل صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد العزيز ولي العهد، بالقاء الخطاب التالي:
"بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه وإني أقدر الجهود التي بذلها المجلس في السنوات الماضية، وأهنئه على الثقة الغالية التي حازها من قبل جلالة مولاي الملك المعظم.
والحقيقة أن المجلس موضع الثقة سابقاً ولاحقاً، والأمل في الله ثم فيكم أن تضاعفوا الجهود في المستقبل لما فيه خدمة الأمة والبلاد والعرش المفدى.
أما نوايا جلالة مولاي الملك المعظم نحو البلاد ورقيها، وطمأنينتها ويسرها؛ فهي غير خافية، فقد بذل أدام الله عزه جهوداً جبارة في سبيل راحة الشعب ومصالحه الحيوية بالنفس والنفيس.
نسأل الله أن يكلأه بعين عنايته، وأن يأخذ بيدنا جميعاً لما فيه الخير.
نحن لا نريد لهذه البلاد إلا كل إصلاح يعود على الأمة بالهناء والرفاهية والخير الكثير، وأكبر ما نتمسك به هو كلمة التوحيد، وإعلاء شأنها وبث التعاليم الإسلامية، والعقيدة الصحيحة، والحرص على الصلوات في أوقاتها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى في كتابه العزيز:(الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ).
ولئن مكننا الله سبحانه وتعالى من خيري الدنيا والآخرة؛ فإنما هو بفضل كلمة التوحيد، والمحافظة على هذه العقيدة الصحيحة، والمبدأ القويم.
تكلم الغزاوي في الخطبة التي ألقاها باسم المجلس عن الأزمة، والحقيقة أنها مرت وما لحقنا منها يسير جداً بالنسبة لما لحق غيرنا وضنك وضيق، وإننا نحمد الله على ذلك.
والآن باسم الله ثم نيابة عن والدي صاحب الجلالة الملك المعظم افتتح الدورة السادسة عشر لمجلس الشورى، وأسأل الله أن يجعل فيها الخير الكثير، والبركة للبلاد والأمة، وأن يمن علينا بالقيام بما يجب علينا، وأرجو أن تكون من أهم الدورات وأصلحها إن شاء الله تعالى".