المجلس الأهلي عام 1343هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى كافة الإخوان الكرام علماء مكة وأعيانها وتجارها سلمهم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أما بعد:
فبارك الله فيكم ووفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه. تفهمون أن جل مقاصدنا إظهار دين الله، واتباع طريقة السلف الصالح على ما كان في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وتطهير هذا البيت من المظالم، وتنفيذ أمر الشريعة في جميع الأحوال، كما قال تعالى سبحانه:( َمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ).
وتعلمون أن الله سبحانه أمرنا بأمر من عمل وقام به على الوجه المشروع فهو مسلم،وبحوزة المسلمين، ومن تركه، أو ترك شيئا منه، أن جاء بناقض من نواقضه، خرج من ذلك. كل على قدر فعله كما هو مذكور في كتاب الله وسنة رسوله، وما اتفق عليه علماء المسلمين، وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.
فأما شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ووجباتها، وأركانها، ونواقضها، فقد صار التناظر في ذلك واتفقت العقيدة – والحمد لله – ونرجو من الله أن ينور بصيرتنا، وبصيرتكم ويوفقنا لما يحبه ويرضاه.
وأما الصلاة التي هي من أقوى أركان الإسلام كما قال عليه الصلاة والسلام:"أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة"، وكما قال:" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة"، ونحن ما نظن إن شاء الله في مسلم ينكر ذلك، وعلى الأخص أهل هذا البيت الشريف، ولكن الناس معهم كسل في الصلاة، بل تأخر زائد، ومعلومكم أنه إذا تكلم إنسان بكلام لا يليق بحق المسلم، وأردنا تأديبه حجنا بقوله، إنهم لا يصلون، وبما أن الأمر واجب من قبل الله، ونحن وأنتم ملزمون به، ولا حجة لأحد يدعي الإسلام وهو تارك للصلاة؛ فالرجاء أن تنظروا في هذا الأمر، وتعينوا رجالاً من إخوانكم المنتسبين للخير ويمشون في كل سوق، ومجمع يأمرونهم بالصلاة كلما أذن المؤذن، حيث يعزِّل أهل الدكاكين، ويصلون، وإن كان التعزيل عليهم مشقه فيرتب لكل سوق حرس يحافظون عليه وقت الصلاة حتى يرجع إليه أهله.
ويلزم أن لا تقوموا من مقامكم هذا – إن شاء الله – إلا وأنتم ناظرون في هذه المسألة، لأن فيها قوام للدين والدنيا، واتفاق الكلمة، ولا حجة بعد ذلك لأحد.
وأما الأمر الثاني فتعلمون أننا – بحول الله وقوته – نريد أن تصدق أفعالنا أقوالنا، وحيث لا بد للبلد من قوام في أمرها اللازمة التي لا تخفى عليكم، ولا بد من ترتيب في معاملاتها، وأوقافها، وجميع أحوالها، وفي تركها مشقة وخراب في أمر ديننا ودنيانا، والتقويم لا يكون إلا بمعرفة أهلها، والرجال الذين عندهم خوف من الله وعندهم شرف وحمية على الوطن. فالرجاء أن تختاروا في مجلسكم هذا من العلماء في وظيفتهم، ومن التجار، والأعيان رجالاً ينظرون في جميع الشؤون المذكورة أعلاه، وتكون البلد، وأهلها برقابهم يسعون في مصالحها، ويذودون عما يضرها، فإذا اخترتم المذكورين، فاكتبوا على ذلك سنداً ممضياً من العلماء، والأعيان، والتجار برضاهم بذلك. وبعد هذا يقترحون ما يصلح للبلد وأهلها، ونتراجع وإياهم فيه، وأرجوا أن لا تقوموا من مجلسكم هذا – إن شاء الله – إلا وانتم متممون ما ذكرته لكم، نرجو من الله أن يسلك بنا وبكم طريق الرشاد، ويصلح بنا وبكم البلاد، والعباد.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
حرر في 24 جمادى الأولى سنة 1343هـ".